شهدت علاقات الهند مع الدول الأفريقية تناميا ملحوظا خلال العقدين الماضيين، مما جعل الهند شريکا اقتصاديا هاما ينافس بقوة العديد من القوى الدولية التي تتکالب على القارة السمراء، حيث سعت الهند لتعزيز مکانتها في أفريقيا بعلاقات اقتصادية وتنموية مضطردة.
ورغم أن العلاقات الهندية الأفريقية هي علاقات تاريخية قديمة، توطدت في العقود السبعة الماضية خلال الحقبة الاستعمارية وما بعدها، إلا أن قطار هذه العلاقات انطلق في السنوات الأخيرة بفعل استراتيجية هندية طموحة، استهدفت تطوير الشراکات التجارية والاستثمارات مع دول القارة مستندة إلى العديد من المشترکات التي تجمع الهند ودول القارة الأفريقية، مما جعل الهند رابع أکبر شريک تجاري لأفريقيا، وهو ما وصف بأنه إعادة إحياء وتجديد لهذه العلاقات التاريخية القديمة.
وتبحث الورقة العوامل المعززة للعلاقات الهندية الأفريقية، وفي مقدمتها الروابط التاريخية والجغرافية والسياسية، التي تعود إلى العصور القديمة، عززها القرب الجغرافي، ثم تطورت في العصور الوسطى وفي العصر الحديث خلال حقبة الاستعمار.
وقد دعمت الهند نضال الشعوب الأفريقية وکفاحها ضد الاستعمار والعنصرية، وکان للهند مواقف شجاعة في مساندة تحرر شعوب القارة الإفريقية.
کما تتمتع الهند في علاقتها بالأفارقة بميزة إضافية تتمثل في التقارب والتأثير الثقافي والتراث الإنساني المشترک، ولعب العنصر البشري دورا رئيسيا في النجاح الهندي بالقارة الإفريقية، وتقدر بعض الإحصائيات الجالية الهندية في إفريقيا بنحو ثلاثة ملايين نسمة، وهو ما يمثل نحو 10 % من مجموع الجالية الهندية بالخارج.
کما يحترم الأفارقة نجاحات النموذج السياسي والاقتصادي الهندي، خصوصا ما يتعلق بتجربتها الديمقراطية الرائدة في بلد يعج بالتنوع والتعدد، وهو ما تحتاجه غالبية الدول الأفريقية في التعامل مع التنوع والتعدد الواسع فيها.