يدور هذا التقرير حول تحليل أبعاد التنافس الأمريكي – الروسي في البحر الأسود، ويسلط الضوء على الصراع في تلك البقعة الجغرافية التي ظلت لقرون طويلة مسرحاً للتوترات تتنافس عليه مختلف القوى الإقليمية والدولية، وتأثيرات الحادث الأخير (هجوم روسيا على طائرة أمريكية بدون طيار في المجال الجوي الدولي) في البحر الأسود مؤخراً، وما يثيره من مخاوف من تصعيد أوسع بين موسكو وواشنطن في المنطقة، ما جعلها بؤرة ساخنة قد تتحول في أي لحظة إلى ساحة صراع عالمي، وساحة مواجهة استراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا في أوروبا، آخذا في الاعتبار الأهمية الجيوستراتيجية والتاريخية التي يمثلها البحر الأسود وهو ما جعله أحد محاور المنافسة الاستراتيجية بين روسيا والغرب.
كما يُلقي نظرة عامة على مواقف دول البحر الأسود، حيث تفرض محاولات روسيا تعزيز تواجدها العسكري هناك ضغوطاً كبيرة على أمن الدول الساحلية في المنطقة، خاصة في ظل انعدام وجود رؤية مشتركة فيما بينها لكيفية مواجهة تداعيات السياسات الروسية.
ورغم ما يؤشر إليه سلوك واشنطن وموسكو العقلاني - إلى حد ما - بشأن عدم التورط في مواجهة عسكرية مباشرة في المنطقة، بشأن مستقبل الصراع بين الجانبين في البحر الأسود، وأن هناك اتجاهًا يهدف إلى عدم التصعيد لأى أعمال قتالية مستقبلًا، فإن هذه القراءة المتفاءلة في مستقبل هذا الصراع، يقابلها بعض الشكوك تعويلاً على أن بعض القضايا المستمرة لا تزال من دون حل في منطقة "البحر الأسود"، وكلها لديها القدرة على إثارة المزيد من الصراع، وخاصة الحرب الروسية – الأوكرانية، وسط دعوات لحلف "الناتو" لتطوير استراتيجية أكثر قوة تجاه روسيا، وأن يجد طرقاً مجدية للعمل مع الدول المطلة على البحر الأسود لتحسين الأمن الإقليمي.
)
مشاهدة على SCiNiTO