مصر وآسيا في عشر سنوات

نوع المستند : الدراسات

المؤلف

رئيس الهيئة العامة للاستعلامات

المستخلص

مصر وآسيا في عشر سنوات
بقلم /ضياء رشوان
رئيس الهيئة العامة للاستعلامات
      شهدت السياسة الخارجية المصرية التي قادها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال السنوات العشر الماضية إعادة التوزان لسياسة مصر، وشبكة علاقاتها الدولية على كافة الدوائر القريبة والبعيدة، مما أعاد لمصر مكانتها ودورها الإقليمي والقاري والعالمي الريادي.
وكان من بين الدوائر التي حظيت باهتمام ودينامية كبيرة منذ عام 2014 -2024 هي الدائرة الآسيوية، حيث تعززت مصالح مصر وعلاقاتها المتعددة مع القوي الآسيوية كافة.
    وطبقا لما كشفت عنه الدراسة الإحصائية لنشاط الدبلوماسية الرئاسية المصرية على الصعيد الدولي، قد حظيت الدائرة الآسيوية باهتمام كبير سواء على صعيد الزيارات الرئاسة الي الدول الآسيوية (غير العربية)، او علي صعيد لقاءات السيد الرئيس للقادة والزعماء المسؤولين من الدول الآسيوية في مصر أو علي هامش المناسبات الدولية الكبرى، وطبقا لهذه الإحصاءات فقد قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بعدد (23) زيارة الي الدول الآسيوية غير العربية ، بنسبة (14% ) تتقدمها زيارات الرئيس الي كل من الصين (7) زيارة ، ثم الهند ( 4) ، واليابان ( 3) .
  كذلك شملت الزيارات الرئاسية الي آسيا زيارات غير مسبوقة لرئيس مصري مثل زيارة الرئيس الي كل من فيتنام وبعض دول آسيا مثل إندونيسيا، سنغافورة، اوزباكستان وكازاخستان، وأذربيجان، أرمينيا.
وعلي صعيد اللقاءات الدولية، فقد التقي الرئيس السيسي بالعديد من الزعماء والقيادات الآسيوية، وبلغ اجمالي لقاءات الرئيس (97) لقاء مع قيادات ومسؤولين من الدول الآسيوية قاموا بزيارة مصر، كما تعددت اللقاءات مع القيادات الآسيوية، حيث بلغت مع الرئيس الصيني ( 8) لقاء ، ومع رئيس وزراء الهند (6 ) لقاء ، ومع رئيس وزراء اليابان ( 7) لقاء .
هذا الدور النشط للدبلوماسية الرئاسية المصرية انطلق من رؤية شامله للواقع الدولي، ومن إدراك لقيم التوازن والندية والشمول التي تحكم سياسة مصر الخارجية، ومن تحديد واضح لمكانة مصر السياسية ودورها العالمي، ومصالحها المتعددة وشراكاتها الاستراتيجية والسياسية ورسالتها الثقافية الممتدة الي انحاء العالم.
 
كما أثمر هذا النشاط المكثف للدبلوماسية الرئاسية في بناء جسور من الثقة، وتبادل المنافع والتأثير المتبادل في القضايا الإقليمية والدولية، وحشد دعم آسيوي مؤثر لجهود التنمية الشاملة في مصر والقضايا العربية ولمصالح القارة الافريقية، ولصالح الاستقرار والامن في منطقتنا وقارتنا والعالم.
أن آسيا تشاركنا اليوم العديد من القيم والتطلعات من أجل نظام دولي عادل، يدعم السلام والاستقرار وحقوق الشعوب وعدم التدخل في شئونها الداخلية، كما يدعم تبادل المنافع والمصالح وبناء نظام اقتصادي ومالي عالمي أكثر عدالة يراعي مصالح جميع الأطراف خاصة حقوق الدول النامية في الحصول على متطلبات وتمويل التنمية فيها بشروط عادله فضلاً عن التعاون الدولي في مجال البيئة، ومواجهة آثار التغيرات المناخية التي تدفع الدول النامية خاصة الافريقية منها ثمنا باهظا لهذه التغيرات.
ولا شك ان المواقف الآسيوية المعتدلة والإنسانية تجاه التطورات في الشرق الأوسط خاصة الحرب الوحشية على الشعب الفلسطيني في غزة، تؤكد صواب مراهنة مصر على دور آسيوي في قضايا المنطقة يوازيه ويقلل من تأثير الانحياز الغربي الصارخ لصالح العدوان علي الشعب الفلسطيني ويؤجج حالة عدم الاستقرار في المنطقة.
في الوقت نفسه، لم يكن هذا التوجه المصري شرقاً على حساب طبيعة علاقات مصر التقليدية ومصالحها المتعددة مع كافة دوائر علاقاتها الدولية في الغرب ومع الجنوب بالطبع..، فقد انفتحت الرؤية المصرية بنظرة شاملة، وتتعامل مع الجميع من منطلق واحد هو القيم المصرية الساعية للسلام والاستقرار والتعاون البناء، وكذلك من منطلق مصالح مصر الاستراتيجية وجهود شعبها نحو التنمية والتطور، وكذلك ايمانا بدور مصر ومكانتها الثقافية الريادية على كل المحاور والدوائر.
ان سياسة مصر الخارجية تجاه القارة الآسيوية شهدت طفرة إيجابية خلال السنوات العشر الماضية، وأسست لحقبه أكثر تطوراً خلال السنوات القادمة.