رغم تصريحات بكين المتكررة المؤيدة للحقوق الفلسطينية والمؤكدة لثوابت التوصل إلي حل الدولتين, وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وجهودها المتواصلة للتعامل مع اللاعبين الإقليميين, إلا إنها لم تنجح في تحويل شبكتها من الصداقات الإقليمية إلي مورد لمفاوضات جوهرية. فيما يعد نجاحها في توقيع طهران والرياض لاتفاق استعادة العلاقات حدثا استثنائيا في علاقتها بالمنطقة.
ورغم قتل وإصابة وفقدان أكثر من عشرة مواطنين صينيين خلال الأيام الأولي للحرب في غزة، فإن الحرب لم تولد قدراً كبيراً من ردود الفعل الشعبية في الصين. وفي الواقع، يكشف الفحص الدقيق لتصريحات وأنشطة بكين الرسمية، والتعليقات في وسائل الإعلام الحكومية، والتفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الحرب ضد غزة، أنه بينما تسعى الصين إلى تصوير نفسها على أنها مؤيدة للسلام والإشارة إلى اصطفافها مع العديد من المنظمات غير الحكومية، ومناصرة القضية الفلسطينية، فإنها تظل مترددة في القيام بدور جوهري في الصراع الدائر بالشرق الأوسط.
أولاً: ملامح وأبعاد الموقف الصيني
اتسمت المواقف والتصريحات الرسمية الصينية بقدر من "تصعيد اللهجة" حيال السلوك الإسرائيلي، فانتقدت بكين القصف الإسرائيلي الشامل للمدنيين، وأدانت انتهاكات القانون الدولي, وطالبت بتنفيذ حل الدولتين والدعوة إلي إنشاء ممر إنساني للسماح بدخول المساعدات إلي قطاع غزة المحاصر. وتزامنت حرب غزة وتصاعد العدوان الإسرائيلي مع تولي الصين رئاسة مجلس الأمن الدولي خلال شهر نوفمبر 2023 خلفا للبرازيل.