ترتبط مصر واليابان بروابط ثقة متينة أثمرت عنها سنوات طويلة من التعاون، منذ اعتراف اليابان باستقلال مصر عام 1922. وتمتد وتتواصل علاقتهما في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية والعسكرية. وقد شهدت الفترة من ثمانينات القرن العشرين حتى عام 2024 تكثيفا للعلاقات بين مصر واليابان في مختلف المجالات، وتم الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين الدولتين لمستوى الشراكة الاستراتيجية، بعد زيارة رئيس وزراء اليابان"فوميو كيشيدا" لمصر في أبريل عام 2023.
وبرزت أهمية هذه العلاقة منذ أن حرصت مصر على اقامة علاقات قوية مع العديد من القوى الآسيوية الكبرى، المؤثرة في صياغة العلاقات الدولية وصياغة القرار السياسي والاقتصادي على مستوى العالم، ومنها اليابان. وتقوم الشراكة الاستراتيجية بين الدولتين علي مبادئ: عدم التدخل في الشئون الداخلية لكل منهما، والاحترام المتبادل لسيادة كل منهما وللسلامة الاقليمية.
وفيما يلى رصد لهذه الشراكة في جوانبها: السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والتعليمية، والعسكرية، وبيان مدى توافق حجم هذه العلاقات مع الثقل السياسي والثقافي لكل من مصر واليابان.
أولا؛ الشراكة السياسية
شهدت سياسة مصر الخارجية منذ نهاية الحرب الباردة في أواخر الثمانينات تحولا جذريا في دوائر تلك السياسة وقضاياها. ولعل أهم ملامح هذا التحول هو الارتقاء بالدائرة الآسيوية لتصبح من دوائر العمل المحورية في تلك الدائرة وغيرها من الدوائر الجديدة. ومن ثم كان الاهتمام بآسيا استجابة لتغيرات دولية، واحتياجات مصرية.(1) وفي هذا الاطار أقامت مصر علاقة تعاون مع اليابان، بعد ان أصبح الدور السياسي لليابان متصاعدا في اطار التفاعلات الدولية والاقليمية، وبعد ان أصبحت تعد احدى القوى الاقتصادية العظمى، ومن بين أهم القوى الآسيوية على الساحة الدولية.